لتحسين الذاكرة فى الامتحانات
البندارى محمد سعده
كثير من الناس يعانون من مشكلة النسيان هذه الأيام، ويشتكون من عدم تذكر المعلومات الهامة حين يحتاجونها.
نتحدث عن بعض الخطوات البسيطة التي من الممكن ممارستها لتحسين أداء الذاكرة في الحياة اليومية، وكذلك في المذاكرة، على اعتبار أننا في موسم الامتحانات هذه الأيام.
لو أردت تحسين ذاكرتك
يمكن أن تتبع هذه الخطوات:
1 - الاعتقاد:
لو كنت تؤمن أن ذاكرتك ضعيفة وتؤكد هذا لنفسك وللآخرين طوال الوقت، فإن هذا أحد العوامل المؤثرة في ضعف الذاكرة!
لتكن اعتقداداتك إيجابية عن نفسك كي تستطيع تحقيق ما تريد، فلو طلبنا من شخصين (مثماثلين في القدرات الجسدية) أن يجريا حول الملعب 10 مرات، وكان أحدهما فاقد الثقة في قدراته ولا يعتقد أنه يستطيع إنجاز هذه المهمة، بينما الآخر واثق تماما من قدراته، فأيهما - في رأيك - سيمتلك الحماس الكافي لأداء هذه المهمة؟
ربما يكون السبب الحقيقي لإخفاقنا هو إيماننا التام أننا لا نستطيع النجاح .. وتذكر دائما أننا نذاكر كي ننجح وخلاص، لن نصبح الأوائل أبدا .. لأنه الإنسان ساعتها سيبذل مجهودا متناسبا مع اعتقاداته المتواضعة عن نفسه
2 - الفهم:
يحكى أن ولدا كان يغش في الامتحان، فسأل صاحبه: "إجابة السؤال الخامس إيه" فأجاب: "الرسول صلى الله عليه وسلم" فسأله من جديد: "صلى الله عليه وإيه؟!".
لو كنت تذاكر درسا لا تفهم منه حرفا، ستجد أن تذكره صعب للغاية .. لذلك ينصح أن تقرأ الدرس (أو تستوعب الشيء المراد تذكره) وتفهم المعاني الموجودة فيه أولا.
لذلك ففي المذاكرة ينصح بقراءة الدرس وفهمه أولا، بدلا من البدء في الحفظ .. يمكنك أن تضع أرقاما وخطوطا تحت العبارات المهمة كي تعرف الأجزاء المراد حفظها، وتميزها عن التي يجب فهمها فقط. الاستيعاب والفهم أولا يوفران مجهودا كبيرا في الحفظ.
3 - التكرار:
هناك معلومات لا يمكنك نسيانها أبدا ( اسمك - عنوانك - ..) في حين تغيب معلومات كثيرة عن أذهاننا رغم أهميتها (ما هو رقم بطاقتك؟) والسبب هو أن المعلومات المستخدمة بكثرة؛ يعتبرها المخ معلومات مهمة وتنتقل إلى الذاكرة طويلة الأمد .. تكرار المعلومة يساعد على تثبيتها بشكل أفضل .. لذلك حاول استخدام المعلومة الجديدة قدر المستطاع.
تكرار المعلومة عن طريق شرحها لأحد (أو حتى تخيل أنك تشرحها لأحد) مفيد في تثبيتها في ذهنك .. وكذلك كتابة هذه المعلومة بنفسك على الورق، لأن هذا ينشط الذاكرة الحركية ليدك، فكم مرة نسيت رقم تليفون معين، ولم تتذكره إلا حين أمسكت بالتليفون وسمحت ليدك أن تطلب هي الرقم؟
الفكرة هنا هي تكرار المعلومة واستخدامها على قدر المستطاع .. سواء عن طريق تكرار قراءتها أو كتابتها أو ترديدها، والأهم من كل هذا: استخدامها.
4 - الإيقاع الصوتي:
- "لو كنت بتفتكر دروسك زي ما بتفتكر الأغاني، كان زمانك فلحت!".
لا تخلو عبارة التوبيخ الشهيرة هذه من حكمة ما .. فالأغاني فعلا سهلة الحفظ، لأن من السهل استرجاع المعلومات التي تم تلحينها.
* فمثلا يمكنك حفظ (أسماء الله الحسنى) لو تذكرتها باللحن الإنشادي الشهير .. وكذلك أغنية الحروف الأبجدية الإنجليزية؛ لهذا السبب تم نظم قواعد اللغة العربية في قصيدة شعرية (ألفية ابن مالك) كي يسهل على الدارسين حفظها .. الأغاني نفسها، ستتذكرها بشكل أسرع لو سمعتها بدلا من قراءة كلماتها فقط.
فإن استعصت عليك معلومة ما، ربما يكون الحل هو أن تقوم بتلحينها كي تستطيع استرجاعها بسهولة.
5 - المرح:
إضفاء عنصر المرح والسخرية على المعلومات يجعلها أسهل في الحفظ، فمثلا لو أردت أن تحفظ اسم عالم الأحياء (مالبيجي) يمكنك أن تتخيله في شكل الفنان محمود (المليجي)، وهو يلبس بالطو أبيض ويمسك بالسماعة! عندها سيكون حفظ الاسم أسهل.
حتى لو أردت أن تحفظ اسم شخص ما، قد يكون من المفيد جدا أن تفهم معنى هذا الاسم وتربطه بهذا الشخص بشكل مضحك .. فلو كان اسمه (سعيد) يمكنك أن تتخيله وهو يضحك حين ولادته؛! بدلا من أن يبكي ككل الأطفال الرضع لأنه سعيد .. وهكذا.
يمكنك كذلك أن ترسم رسوما هزلية صغيرة أمام كل معلومة تريد حفظها في الكتاب .. ستجد أن تذكر هذه الرسوم، سيستدعي المعلومات نفسها في ذهنك.
6 - الربط المكاني:
سيكون من الأسهل أن تحفظ معلومة جديدة، لو ربطتها بمعلومة قديمة موجودة أصلا في الذاكرة، على سبيل المثال: لو قال لك شخص تقابله لأول مرة أن اسمه (أسامة) .. سيكون من الأسهل أن تتذكر اسمه، لو ربطته بأحد (الأسامات) الذين عرفتهم في حياتك .. فلو انتبهت أن اسمه مثل اسم (أسامة بن لادن)، سيكون من السهل استرجاع الاسم.
هذه الفكرة هي أساس طريقة الربط المكاني .. فلو أردت أن تحفظ معلومات طويلة متسلسلة بالترتيب (عناوين الموضوعات في هذه الصفحة مثلا)، يمكنك أن تتخيل أنك تدخل مكانا تعرفه جيدا؛ ليكن منزلك مثلا، وتخيل أن هذه المعلومات موزعة في أرجاء المنزل .. فحين تدخل من الباب ستجد أمامك مباشرة المعلومة الأولى .. وفي المطبخ المعلومة الثانية، وفي غرفتك المعلومة الثالثة وهكذا .. حاول أن تربط هذه المعلومات بالمكان الموجودة فيه بطريقة المرح التي تكلمنا عنها .. عندها ستجد أن حفظ المعلومات المتسلسلة قد أصبح مسليا.
7 - مصدر واحد:
كثير من الشباب يقعون في خطأ جسيم قبل الامتحانات .. وهو أنهم يقومون بجمع مذكرات أو ملخصات يرونها لأول مرة، ويتركون الأوراق أو الكتب التي اعتادوا مطالعتها، على أساس أن هذه الملخصات فيها المفيد!
ذاكر أو احفظ المعلومة من مصدر واحد .. لأن تكرار شكل الصفحة سيساعد العقل على تتبع مكان المعلومة في الصورة الذهنية التي تم تخزينها.
حتى وإن كنت تحفظ بشكل سماعي، حاول أن تتذكر نفس نبرة الصوت أو نفس اللحن .. من الأسهل أن تحفظ القرآن من تلاوة قارئ بعينه، بدلا من أن تشتت عقلك في أكثر من لحن.
8 - الاهتمام:
معظم الشباب يعرفون جيدا أسماء لاعبي الكرة، أكثر من أسماء وزراء دولتهم!
السبب هو أن المعلومة غير المهمة - بالنسبة لنا - تسقط من الذاكرة حتى وإن تكررت عشرات المرات .. لو لم تكن المعلومة المراد حفظها تثير فضولك وتستدعي انتباهك، وتنبع من مجال اهتماماتك، سيكون من الصعب التركيز في حفظها، وستجد عقلك شاردا في عشرات الموضوعات الأكثر أهمية من وجهة نظرك.
فلو أعطيتك كتابا في "البيولوجيا الجزيئية" قد تجد صعوبة في قراءته، فضلا عن حفظه .. أما لو كنت مهتما بهذا الفرع الشيق من العلوم، ستكون مستمتعا بالقراءة، ومن ثم قادرا على استرجاع المعلومات.
قد يسألني أحد الأصدقاء سؤالا وجيها، وهو: "ماذا لو كنت لا أحب المادة التي أدرسها"
الإجابة البسيطة هي: "! أحب المادة التي تدرسها"
فالحب والكره ليسا عملية لا إرادية، كما سنعرف في موضوع قادم؛ فبإمكانك مثلا أن تثير فضولك تجاه هذه المادة لو كنت لا تحبها، فمثلا: لو كنت تكره الفيزياء .. تخيل أنك عالم فيزيائي سينقذ كوكب الأرض من دمار وشيك، عن طريق معرفة هذه المعادلات الفيزيائية واستخدامها! أو تخيل أنك مدرس، سيقوم بشرح هذه المعلومات لطلبته بعد قليل .. لو لعبت هذه اللعبة ستكون المذاكرة مسلية وستكتسب المعلومات أهمية أكبر بالنسبة لك.
9 - البروفة العقلية:
بعض الطلبة يعانون من مشكلة محددة، وهي أنهم يذاكرون جيدا ويحفظون دروسهم جيدا؛ لكنهم وقت الامتحان يشعرون بالرهبة فينسون كل شيء!
لتجنب هذا الموضوع يمكن أن تجلس بعد المذاكرة وتتخيل أنك في لجنة الامتحان، وجرب أن تحل أحد الامتحانات بالفعل .. هذه التمثيلية مهمة جدا؛ لأنها تساعد على تخطي المواقف التي نخشى مواجهتها .. أسلوب البروفة العقلية (أو كما يسميه علماء النفس الحساسية) يساعد على تهدئة الأعصاب، لأنك دربت عقلك على مواجهة هذا الموقف واستطعت استرجاع المعلومات بالفعل في هذه الظروف.
10 - الصحة العامة:
في فترة الامتحان ينصب معسكر المذاكرة وتقل الحركة، مما قد يؤدي إلى الخمول والنعاس .. ، such ينصح ببعض
التمرينات الرياضية البسيطة، or ما يطلق عليه و"سويدي" التي تساعد على تنشيط الدورة الدموية لاستدعاء التركيز والنشاط.
كما يفضل تناول الأطعمة التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة (كالأسماك واللحوم الحمراء والبيضاء والخضروات ..).
كثير من الطلبة يتفاخرون بأنهم (مطبقين بقالهم يومين) أي أنهم لم يناموا قبل الامتحان .. وهي ممارسات خاطئة، لأن النوم الجيد قبل الامتحان يساعد على استرجاع المعلومات بشكل أفضل.
والله يوفق الجميع يا رب وبالنجاح والتوفيق